الخميس، 3 يناير 2013

مسيرة الالف ميل تبداء .....من مذبح



طول الطريق وانا في الدباب مع بنت عمي سحر في طريقنا لأول يوم جامعي لي كنت اتذكر نصائح جدتي لي وهي توصيني بأن امشي جنب الجدار و ما اكلمش البنت المايعات والحذر كل الحذر من اني اكلم الرجال واني ما اكونش اتأخر لان البنت اللي غدر عليها الليل وهي بالشارع يأكلها الطاهش !!!

اعتقد اننا قربنا للجامعة لان سحر كانت تستعد وتلملم الاوراق اللي كانت تقرائها وتحطها في شنطتها , لما تخرجت من الثانويه وطلعت نتيجتي بمجموع عالي وقتها أمي كانت الوحيدة اللي مافرحتش لأنها عارفه ان هذا يعني سفري لصنعاء لدراسة الجامعة وبالأخص الطب اللي كان حلمي من ايام ما كنت اخلي بنات القريه يوقفين صف في حوش بيتنا عشان اعالجهن واضرب له ابر باعواد القات اللي كنت انظفها واسنها عشان تكون ابر الدكتورة حظية.

نزلنا من الدباب و شفت قدام النصب التذكاري "الايمان يمان والحكمة يمانية" ومش عارفه ليش كان يتهيئ لي أنو اكبر واضخم من كذا "وانظف"( مثل الصورة كذا يعني) زحمة سيارات وباصات وبسطات ناس تبيع ملابس داخليه وسروايل باب الجامعة وعربيات سنتدوتشات البيض والبطاط تتزاحم تحت النصب وبنت عمي تشدني من يدي وانا واقفة مقعية مذهولة من اللي اشوفه قدامي كانت ثاني مره لي بعد وصولي لفرزة البيجو في باب اليمن أشوف هذه الكمية من البشر في مكان واحد .

سحبتني من يدي و مادخلناش حوش الجامعة لكن توجهنا لطريق اخر واكتشفت ان كلية الطب مش في هذا الحوش وانها في مذبح واني لازم اركب تاكسي فرزة عشان اوصل لهناك , سحر بنت عمي كانت طالبة في كلية التجارة سنة ثالثة وعمي خالد يعيش في المدينة من زمان اصلا سحر مواليد صنعاء وعلاقتي بها صيفية وفي المناسبات لما كانوا يزورونا في البلاد ,قالت لي سحر وهي تعطيني ورقة صغيرة فيها رقم موبايلها : حظية هذا رقمي لو حصل اي شي اتصلي بي من اي مكان لما نحاول نقنع عمي يشتري لك موبايل لانو صعب تتحركي في صنعاء بدونه , انتي باتركبي الان من هنا تاكسي مع بنات لكلية الطب ب25ريال اول ما توصلي للكليه اسالي وين مكتب المسجل العام وبعدين تابعي الإجراءات.

مذبح...مذبح كلية الطب يا دكتورة؟؟ سألني واحد ماسك في يده غلاف عروسة كمران وقلم مكسور ...التفت لورايا ادور الدكتورة اللي يكلمها بس ماكانش في حد ورايا وقتها فهمت انو بيقصدني انا ...انا الدكتورة ....ركبت مع مجموعة من البنات تزاحمنا 4 في الكرسي لخلفي لتاكسي ارضيته فيها حفر تشوف الشارع منها ويدخل منها التراب وماء المجاري اللي في مذبح.
وصلنا لمدخل الكلية  ولقيت سيل من الشباب والشابات ماسكين في ايديهم بالطوهات بيضاء ناس داخله وناس خارجة وتكاسي واقفه تجمع ركاب.

وصلت الباب ولقيت عسكري واقف سألني وين البطاقة قلت له انا اول يوم اداوم ومافيش معي بطاقة قال لي" افتحي الشنطة" وقتها تذكرت شكل سحر وهي تضك عليا  وانا اطرح بالشنطة كعك من اللي عملته لي امي وباكت عصير من الكرتون اللي اشترى لي ابي "يابنتي هذاك زمان ايام المدرسة" قالت لي وهي تتفرج لشنطتي ...فتش الشنطة وشاف الملف اللي بيدي فيه ورقة القبول (لان محمد أخي هو اللي طلع لصنعاء يعامل لي القبول).

دخلت بهو كبير تحت قبة مرتفعة وناس تروح وتجي وبنات وشباب جالسين مع بعض وصوت ضحكهم لأخر الشارع وجلست ادور بعيوني في كل مكان ورجعت لعند العسكري اسأله وين مكتب المسجل وفين اروح أشار لي لمكتب قريب من الدرج وقال لي اسالي هناك ...وصلت للمكتب وجيت على زحمة لها اول مالها أخر ولقيت بنت لابسة خمار واقفه على جنب وشكلها ضائعة مثلي
قربت لجنبها والتفت لي وشكلها فهمت اني مش عارفة وين أروح قالت "سلام عليكم ...أنتي جديدة؟" رديت " وعليكم السلام ايوه .. ايش مفروض نعمل الان يا أخت!!؟"..قالت "مش عارفة والله ولمن سالتو وكل واحد يقلي كلام ناس تقول اطلعي ادفعي الرسوم في الحسابات فوق وناس تقل روحي شؤون الطلاب جيبي ورقة للمسجل واني مش عارفة ايش اسوي؟!!" وتشروغت عيونها بالدموع .

 وقفنا و  انتظرنا وقت طويل لما قدرنا نوصل للمسجل اللي كان يتكلم معانا من طرف مناخيره قال لي وهو يشوف استمارة الثانوية العامة حقي بنص عين " وانتي ليش ماسجلتيش في جامعة تعز ....ناقصينكم أحنا هنية قد الكلية اتقرح !!!!" رديت عليه "اصلا مافيش معي حد بتعز اجلس عنده و عمي خالد يسكن اونه بصنعاء " شاف لعندي " ايوه واينو بيت عمش ؟؟" واني زي الهبلاء جيت اقله "بيت عمي بالقا..." الا وهو قلب صورة وصيح فوقي يقلي " عنتجابر؟؟؟ نجزينا نشتي نسير نصلي اين الورقة حق شؤون الطلبة ؟...بلعت ريقي من الفجعة وسألته " اي ورقة ؟ ....قام وقف وأشر للطلبة الواقفين ورايا انو يخرجوا " جني لأم الجن  احنا واصحاب البلاد وقت صلاة سيري لشؤن الطلبة وارجعي بعد الصلاة"

خرجتوا مع صاحبتي الجديدة ...اسمها ايمان وهي الاصل من مأرب بس عايشين بصنعاء من زمان وشكلها مسكينه مثلي  وطبعا شفتوا الضحكة بعيونها من خلف الخمار لما قلتوا لها إن اسمي حظية مع انو اسمي مايضحكش .

رحنا ندور وين شؤون الطلبة  قالوا لنا بالطابق الثاني عند العمادة وصلنا وفي طلاب وطالبات واقفين وسمعتهم يقولوا الموظف خرج يصلي وبايرجع ......ومر واحد شكله من الطلاب الكبار يعني مش جديد زينا قال " وبعد الصلاة بايروح  سوق القات وبعدين رجع يتغدا وكمل الدوام ...قوموا روحوا لكم ماهوش راجع!!" ....قالت لي ايمان يله نروح الكافتيريا شويه اني عطشانة
دخلنا الكافتيريا (مكتوب فوق الباب كافتيريا الطالبات) في مطعم صغير وبنات محوشات ورجال يبيعوا لهن ورائحة قلاية بطاط وطعمية ويصيحين "ياعم نعمان واحد شيبس بالباذنجان" وقفت اتفرج سألتني ايمان باتشتري شيء قلت لها "لا معي بالشنطة" اشترت هي سنتدوتش جبن وعصيرليم ودخلنا للمكان المخصص للبنات وانها دوشه ثانيه  طاولات وكراسي و بنات رافعات البراقع يأكلين وبنات قدام مراية معلقه بالجدار مشروخة يصلحين الحجابات وبنات من الزحمة جلسين بالأرض وكنا من ضمن الجالسات بالأرض لإنو ما فيش كراسي فاضيه .
خرجتوا كيس الكعك والعصير وعزمت ايمان وفجأة اسمع بنات يضحكوا ويتفرجوا لعندنا وفي واحدة تقول " اهلا اهلا الصعايدة وصلوا باقي شويه وتخرج قارورة الحقين وقصعة السمن ههههههه" والبنات اللي معاها يتضحوكوا ....قالت لي ايمان"طنشي ..طنشي هم كذا يعملوا للطلاب الجديد اختي الان بسنة رابعة كلية الاداب وتقلي انهم يجلسوا يتمسخروا بطالبات سنة اولى بداية الدوام  ...معرفش ليش!!!" ..استغربت للفكرة ولفيت الكعك اللي كنت فرشته قدامي ودورت وجهي الجهة الثانية من قدام المتمسخرات وفجأة سمعت واحده بتقلهن بغضب "عيب عليكن مش عارفات ان كافتيريا الشباب تحتنا وانهم من الشبك هذا يسمعونكم ؟؟  واشرت الى شباك خشب يغطي الكافيتيريا في الجهة المقابلة للباب استغفر الله العظيم " وهداء الضحك شوية  كملنا نأكل ورجعنا لمكتب شؤون الطلاب وفعلا شكل الكلام كان صحيح والموظف ماعد رجعش من وقتها لقينا واحد واقف يتكلم ويقول يا طلاب سنة أولى في محاضرة  كيمياء عضوية بعد نص ساعة بمدرج 1 , سمعت واحد يقل" حيااا قد بداؤ الاتحاد حركاتهم !!!"

يا ايمان يعني ايش اتحاد ؟؟....قالت لي "معرفش "وشدتني من يدي بعد الجموع المتسابقة اللي بعدين عرفت ليش كانوا يجروا عشان يحجزوا اماكن في مدرج يستوعب 80 طالب لدفعة فيها 120.
دخلنا ويله لقينا لنا مكان في وسط المدرج بعد شد وجذب وناس تضارب انها حجزت بالشنطة من الصبح وناس تصيح انها قصيرة وماتشوف من وراء , وفجأة بداءت الدوشة تخف وانتبهنا انو في واحد لابس بدلة وكرفته (مش عارفة من ربطها له وصح اني جيت من القرية بس اعرف انو ماهوش ذا الشكل اللي مفروض تكون عليه الكرفته) واتضح طبعا انو الدكتور وبداء يتكلم بالإنجليزي وبما ان 80 بالمئة من اللي وسط المدرج خريجين مدارس ثانوية حكومية  كان الكل بيحاول يمتص الصدمة وهو شكله فهم اننا مش فاهمين قوي ايش بيقول....فرجع نزل لنا الترجمة وقال" انتو الان طلبة جامعة السبون فيدينج اللي كنتوا متعودين عليه انتهى...انتوا الان مفروض تبحثوا وتتعلموا بانفسكم!! قالها وهو معصب فوقنا مع اننا لسه ما سوينا شي والله وقام سال وين مندوب الدفعه قام نط له نفس الشخص اللي كان يصيح قدام مكتب شؤون الطلبة (معرفش كيف وقع مندوب) واعطاه ورقة فيها اسماء المراجع وقال انها موجوده في مكتبه معينة في جولة الجامعة  وما بانلاقيهنش الا هناك والمحاضرة الجاية لو مافيش معانا الملازم ماراح يدخل لنا لأخر العام (تهديد شديد اللهجة)

انتهت المحاضرة واني قلبي يحرقني ايش يعني(السبونج فيدن )اللي قالها سالت ايمان جلست تضحك قالت لي "سبون فيدينج ..هي جمله تعني التلقين بس ترجمتها الحرفية يعني التغذية بالملعقة ...فهمتي!!!" غلقتوا فمي وقلت لها "هاااااه فهمتوا وانتي من وين تعرفي انجليزي مليح درستي بمدرسة خاصة ؟؟"قالت لي وهي ترفع دفترها والاقلام وخرجنا من المدرج انها السنه اللي فاتت (سنة الفرغة اللي انا قضيتها اترعوي و احطب مع امي) درست فيها انجليزي في معهد امريكي و وعدتني انها باتساعدني .
روحنا انا وهي بالتاكسي الفرزة والتقيت بسحر بنت عمي  مره ثانية عند الايمان يمان والحكمة يمانية واشتريت لي مقرمة جديده من المفرش اللي رابطهن لعرض سور الجامعة
وروحنا البيت وبكرة يوم جديد في  مسيرة خطوة الالف ميل تبدأ من مذبح انتظروا بقية المسيرة الاسبوع الجاي 

الأربعاء، 2 يناير 2013

عــودة حظية


وين رجعت حظية؟؟
 ليش ما عاد كتبتيش مذكرات حظية ؟
 متى تنزل مذكرة جديدة ؟
وكثير من الاسئلة المشابهة اللي ترددت على مسامعي الاشهر الاخيرة اللي انقطعت فيها عن كتابة مذكرات حظية وجوابي كان "مدري!!" ...فعلا معرفش وين رجعت حظية!!!

فبحثت عنها فوجدت  انها اما....أو 

 تاهت بين الصراعات الحزبية والاجتماعية والمهاترات السياسة
 غرقت في الديون والجري وراء بائع الغاز وصاحب الوايت والبحث عن قليل ديزل تولع به الماطور
 تشتت بين الفيسبوك وتويتر والصحف والمقالات
 ضاعت وسط الساحات والمظاهرات والاعتصامات
 حائرة بين حقها في الحوار وحقها في حجر الدار
 هاربة من عين متحرش ويد سارق ورجل ضابط
 بتحارب من أجل كرسي في المدرسة لبنتها ومقعد في الباص لابنها

وجدت انها  في رحلة البحث عن كرامتها ..حقها في الحياة...حقها في المواطنة
ولذا حظية ستعود من جديد لتنقل لكم رحلتها في البحث عن ...........حظية

واينما وجدت يمينة وجدت حظية