السبت، 1 نوفمبر 2014

حظية والتقارير الطبية (1)


دكتورة .....دكتورة الله يخليش دخلينا معش ....هذة اول جملة اسمعها مجرد ما أحط رجلي باب مدخل المستشفى الحكومي اللي حكم الله عليا بان اشتغل فيه ويضرب لي العسكري سلام ويقلي تفضلي يادكتورة وهو يحاول يفرق اهالي المرضى المتكدسين بجوار الباب ليتمكنوا من الدخول لزيارة مرضاهم (مع انه في موعد زيارة ولكن قد تفي حق الصبوح بالغرض)
دخلت  عشان ابصم الحضور و أرجلي تسبقني محاولة تخطي باب مكتب عبده سعيد موظف الشؤون المالية ابو سنة ذهب وبدله ملعوصة خرجت من فم بقرة واللي دائماً بيحاول يدخلني في صفقات التقارير الطبية المشبوهة اللي صار معروف وعيني عينك في المستشفى انه بيدير شبكة سمسرة لاصدار تقارير طبية لمن يدفع اكثر (سمعت انهم مرة طلعوا تقرير لمدير ادارة فى واحدة من الوزارات السيادية بأنة عنده سرطان في الامعاء تستدعي علاج مطول في المانيا برفقة 2 من عائلته على نفقة الدولة  مع ان الشخص ببساطة اللي كان معه غازات)
"صبااااااح الفل يا دكتورة حظية "....قفز لي زي الجني وابتسم ولمعت السنة الذهب وهو بيمسح بقايا سنتدوتش الفاصوليا اللي ملطخة فمه ,جاوبته متنجنبه النظر لوجهه صباح النور استاذ عبده وحاولت امر من جنبه ولكن نط لي للجهه الثانية وهو يأشر لباب مكتبه  تفضلي صبوح , قلت له "شكرا انا اصطبحت في البيت وعفوا لازم اروح عندي مريضة باتدخل العمليات بعد شويه لازم امر عليه ", كرر نفس الجملة اللي يقولها لي له شهور الان "هو توقيع صغير من الاصابع الحلوين ذول وباتعيشي في نعيم " وبنفس الرد اللي ارد عليه "لو ايدي  في يوم وقعت في تقرير من تقاريرك بقطعها"  فسح لي الطريق وقال بنبرة شماتة "لما نشوف راسك اليابس لفين بايوصلك..ناس مش حق نعمه" واصلت طريقي ,وهو يصيح "  يادكتورة على فكرة عليك خصومات من راتبك ومن النسبة " هزيت اكتافي بدون ما التفت له ورديت "اشبع بهم "وكملت طريقي وانا نفسي ارجع ادي له بوكس بين عيونه انزل سنته الذهب للارض .
مريت للمختبر عشان اتاكد من نتائج الفحوصات حق المريض جهزت قبل مايدخل العمليات , وكالعادة الممرضة الهندية راجا بتتصايح مع سليم الشاب الصومالي اللي بيشتغل في شركة التنظيف على نفس السبب هي تقله "ايس في انت ؟فين ديتول ؟ فين كلوركس ؟ انت مافي نزافة تمام " وهو يرد بنفس الرد لدرجة اني حفظته ورديت معه في نفس الوقت " مافيش...مافيش الشركة ماجابش لنا" , بعد الصباحات والتحيات على الزملاء في المختبر رحت أسال الدكتورة ايمان في قسم البايو على نتائج الفحوصات اللي طلبتها امس للمريض’ اللي مفروض تعمل عملية لاستئصال الكلى اليوم , قالت بثقة"مافيش نتائج العينات حق امس كلها خربت ....بانطلع نسحب له عينه ثانيه الان " حاولت امسك اعصابي واسالها بهدوء "كيف يعني خربت العينات ؟ المريض هذا مفروض يدخل العمليات اليوم له شهر في الانتظار وحالته بتتدهور يومياً" التفت لعندي وبدائت عيونها من خلف النقاب والنظارة تقدح شرار"والله هذه مش غلطتنا يا دكتورة الكهرباء طفيت ومااشتغل المولد الاتوماتيك لانه ما فيش ديزل فخربت العينات "
وشمرت عن ساعدها اللي مغطي ببعض الاساور الذهبية عشان تلبس القفازات و بعد ما جابتني من فوق لتحت بنظرة مافهمتهاش  عدلت نظارتها ومشيت , طبعاً في كلام متداول ان الدكتورة ايمان هذه من ضمن عصابة عبده سعيد حق التقارير المضروبة.

طلعت للطابق الثالث بالدرج لاني ما اضمنش الاصنصاير المخصص للاطباء في حالة انقطاع الكهرباء , وانا بفكر ايش ممكن اقول لأم المريضة اللي لها شهر تنتظر العمليه عشان تتخلص من كليتها اللي فشلت في اداء وظائفها وسببت لابنتها الالم الشديدة لشهور , سعدية شابة في العشرينات متزوجة وعندها طفلين من قرية نائيه على اطراف صنعاء , وصلت باب الغرفه ولقيت جنب سريرها لاول مرة رجل في يده طفله صغيرة ومن الطريقة اللي ماسكه بها سعدية يد البنت فهمت انها بنتها , وفهمت كمان ان القبيلي الواقف جنب السرير هو زوجها اللي رماها في المستشفى قبل شهر واليوم ظهر , قامت الام تجري من فوق الكرسي الخشب اللي جنب سرير سعدية لما شافتني وتحمل في عيونها نظرة عتب "دكتورة مش انتي قلت اليوم العملية ؟ الممرضة قالت ماشي عملية اليوم ؟للمة ؟ البنت تاعبه قوي وانتي قلتي انه عتفتهن لو بعدنا لها الكليه !!" مسكت بيدها اللي تشققت من العمل في الوادي وحاولت ابسط الموضوع " ياخالة عاد احنا نشتي نفعل لها فحوصات ثانيه قبل العمليه " التفت لعند بنتها وعيونها ملايانه دموع " ماعاد شي فيها دم يا دكتورة قد زلجينه الممرضات فحوصات" قربت لعند سعديه اللي فعلاً صار لونها شاحب من قلة التغذية وتدهور حالة الكلى عندها وسالتها لو البنت الحلوة هذه بنتها جاوبت باشارة من راسها تعني نعم , مديت يدي للشنطتي  ابحث عن اي شي اعطية للصغيرة والحمد لله محمد ابن اختي ما كملش كل الشكليت اللي في شنطتي , واخذته الطفلة على استحياء وتخبت وراء ابوها اللي سألني" يا دكتورة ايحين اتفعلوا لها العملية , وايحين عتضوي البيت توبه لعيالها وللبيت ولي ؟؟" حاولت اني اتجنب النظر لوجهه لاني كنت وقتها نفسي اشيل الحامل حق المغذية واكسر راسه به مش كفاية انه له شهر راميها وامها في المستشفى بدون مصروف لولا بعض الجمعيات الاهليه اللي بتعمل بعض الانشطه وتوزع بعض الاغذية والملابس على المرضى المحتاجين , لا جاي يسال متى باتروح تنتبه له , رديت عليه وانا بتفقد سجل مؤشرات الحرارة والضغط لسعدية اللي بتوضح ان حالتها بتتدهور يوم بعد الثاني "ان شاء الله قريب " وخرجت من الغرفه وقلبي يعتصر الم على سعديه  عشان في لحظة اسمع بكاء وعويل جاي من قسم الولادة سالت الممرضه الخارجه من القسم ايش حصل ؟ قالت واحده بنتها ماتت في الحضانة لما انطفت الكهرباء امس ,وقتها حسيت بان بركان باينفجر في راسي وتوجت لمكتب مدير المستشفى عشان حد يفهمني يعني ايش كهرباء تنطفي في مستشفى والمولد مايشتغلش وحياة المرضى المعلقه بالاجهزة !!

وللحكاية بقية 

الأحد، 9 مارس 2014

حظية والفيمينستا

"يا حافظ يا حفيظ " أصبحت أرددها مجرد ما أسمع رنة تلفوني المخصصة لمديرتي المبجلة "صوت سارينة الاسعاف" وعاد لو تعرف ان اسمها مكتوب "ام الصبيان" بايكون اخر يوم في عمري ربما (بس انا كتبته باللغة التشات الارقام والحروف اللي لايمكن تعرفها)
"الو ...حظية ..ايش اللي رسلتيه هذا اللملف مش قادرة افتحه " ..." صباح الخير استاذة الملف عادي يفتح عندي جربي تعيدي تحميله من الايميل و...." تقاطعني وهي تصيح " مش فااااضية  انتي عارفة اني عندي احتفال بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بالاتحاد وبعدين رايحه القي كلمة في احتفال نساء ضد العنف وانتي مرسله لي الكلمات في ملف مش قادرة افتحه قمة الاستهتار يا حظية" شهيق وزفير واحاول احافظ على هدوئي " استاذة انا كتبت لك الكلمات ورسلتهم لك في ملف بي دي اف ,وهذه مش اول مره ابعث لك ملف بي دي اف !!!! " فجأة اسمعها تصيح في الجانب الأخر " مااااااريا جعل لايدك الكسر انا بوري لك حرقتي لي المقرمة الشانيل اللي جبتها من باريس اخر مرة انا وبوري لك شغلك برجع بلادك تشحتي.......هاه حظية انا بستخدم اللابتوب الجديد ومافيهوش بي دي ززززفت " وفي محاولة مستميتة مني اني برضه احافظ على هدوئي " لانك يا أستاذة أخذتيه اول ما جابته المنظمة عشان مشروع محو أمية الانرنت للفتاة الريفية قبل مايجي المهندس يحمل له البرامج....خلاص الان برسله لك بنسخة ثانية" وطبعاً وكعادتها وبصووت عالي اطلقت امرها واقفلت التلفون " حظية اطبعيهم ورق ولاقيني لمقر الاتحاد بعد ربع ساعة "
طبعت الكلمات وخرجت اجري من المكتب ادور على تاكسي وبالطبع مافيش معي مجال اشارط واشارع وكالعادة محد بايرجع لي حق المواصلات , أخذت اول تاكسي وقف قدامي وطلبت منه يطير ويشوف طرق مختصرة , شافني في المراية وبابتسامة ابرزت اسنانة اللي اكلهن القات والشمة " للمة مستعجلة يا دكتورة في العجلة الندامة" قلتله بكل صرامة "لو سمحت شوف طريقك"

وصلت مقر الاتحاد الحمد لله ولسه الحفل مابدأش وكان هناك عدد من الناشطات والاعلاميات والصحفيين والصحفييات وعدد من اللي جايين يدعموا المرأة في يومها العالمي , و طبعاً ما اخذش مني الموضوع وقت عشان الاقي مديرتي العزيزة في وسط الكوكبة الرائعة لأن صوتها العالي قادني اليها بسهولة , وصلت وهي تتكلم عن دور الناشطات النسويات في دعم المرأة المهمشة وكيف اننا في جمعيتنا بندعم النساء والمشاريع اللي بنعملها وكيف ان فريق العمل كله من الفتيات , قربت وقفت جنبها ولماشافتني قالت بفرح وهذه حظية أحدى الشابات الرائعات من فريق الجمعية وانا ابتسمت ومديت لها الملف اللي فيه الاوراق اخذتهم وهي تبتسم وشكرتني وقربت مسكت كتفي واخذتني على جنب وهمست لي "مخصوم منك يومين "